الأرشيف

شارع جامعة الدول العربية

شارع جامعة الدول العربية

 

شارع «جامعة الدول العربية» يبدأ، على بعد خطوات من الضفة الغربية لنهر النيل، بميدان أنيق ومتسع يتوسطه تمثال حديث للروائي العالمي نجيب محفوظ، وينتهي وسط ميدان آخر يفضي إلى شارع السودان وحى بولاق الدكرور، وأهم ما يميزه فضلا عن طول واتساع وفخامة عمارته الحديثة أنه يحافظ على مدلول اسمه، إنه شارع «الجامعة العربية بامتياز، سواء على مستوى نوعية سكانه ورواده أو على مستوى أسماء الشوارع والمحال المحيطة به، فنظرا الازدحامه بمئات المحال التجاريةوالكافتيريات والمطاعم ذات الشهرة العالمية ونظرا لرقي وهدوء منطقة المهندسين التي يتوسطها، والتي يسكنها عدد من نجوم المجتمع المصري والعربي، جاء الشارععلى رأس الأماكن المفضلة للأشقاء العرب، سواء من الجاليات المقيمة في القاهرة أو من الذين يأتون إليها كسياح خصوصا في شهور الصيف، ومن ناحية أخرى فإنالشارع يجاور ويقطع العديد من الشوارع التي تحمل أسماء دول ومدن عربية، ومنها شوارع سوريا ولبنان والعراق وجدة وعدن وجزيرة العرب وغيرها.

 

 

 

 

شارع جامعة الدول العربية حديث على مستويات التاريخ والعمارة وطبيعة النشاط فحتى أربعينيات القرن الماضي كانت أرضه جزءا من رقعة زراعية شهيرة بإنتاج
الخضر والفاكهة لسكان القاهرة، ويعد نادي الزمالك الذي أنشئ على أرضه في الخمسينيات من أقدم منشأته على الإطلاق، كما أن مبانی الشارع في مجملها نماذج متطورةللعمارة الحديثة، فلا مكان فيها لبيت أو منشأة قديمة أو أثرية مر على إنشائها مائة عام حتى لو كانت قصرا أهلا. ومن ناحية أخرى فإن امتداد الشارع، من أوله لآخره ساحةتجارية وطبية وترفيهية على أحدث طراز، تتمتع بشهرة واسعة لدى سكان القاهرة وزوارها من البلدان العربية.أما سكان ورواد الشارع ومنطقة المهندسين المحيطة فهم خليط من الطبقة الغنية والمتوسطة العليا والأشقاء العرب، فضلا عن العديد من نجوم المجتمع المصري والعربي في اللحظة الراهنة خصوصا في مجال السينما والغناء، ومنهم الفنانون محمد هنيدي وجلال الشرقاوى ونور الشريف وسميرة سعيد، كما يسكن بالمنطقة الشاعران عبد الرحمن الأبنودي وحسن طلب والعديد من الوزراء والشخصيات السياسية والرياضية.

 

 

 

 

شارع جامعة الدول العربية» بدأ تأسيسه وتخطيطه بعد قيام ثورة يوليو ۱۹۵۲ مباشرة، كما بدأ تكريسه کشارع حديث ومغر للسكن والتجارة في ستينيات القرن الماضي،واسمه كان استجابة سريعة لشعارات القومية والوحدة العربية في بداياتها الحماسية، وأطلق عليه بناء على نصيحة من الرئيس جمال عبد الناصر، ففي بدايات المد القوميالعربي في الخمسينيات، دعا عبد الناصر إلى إطلاق أسماء الدول والعواصم العربية على شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية وفضلا عن اسم الشارع فإن أغلبأسماء الدول العربية تم إطلاقها على شوارع المنطقة المحيطة به، ابتداء من شارع السودان الذي يقع في آخره ومرورا بشوارع المغرب العربي وانتهاء بالعراق وسورياولبنان.

 

 

 

مقر الجامعة العربية التي يحمل الشارع اسمها يقع بعيدا عنه في ميدان التحرير – الإسماعيلية سابقا . وأكملت الجامعة يوم ۲۲ مارس ۲۰۰۶ العام التاسع والخمسين منعمرها الذي يؤرخ عبر مراحله المختلفة لنشأة نظام إقليمي عربي ويطبعه بالسمة القومية، فقد اتسعت عضويتها من سبع دول عربية هي جملة الدول المستقلة في أواسطأربعينيات القرن الماضي لتشمل اثنتين وعشرين دولة هي مجموع الأعضاء في النظام الإقليمي العربي الآن، وعبر هذه السنوات اجتازت الجامعة العربية عدة مراحلوتعرضت لمحاولات للتطوير وإعادة الهيكلة كانت في مجملها تجليات الجهود حاولت تحديث النظام العربي نفسه.

 

 

 

وبدايات قيام كيان الجامعة العربية تعود إلى اجتماع عقد في القاهرة وضم مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء المصري آنذاك وجميل مردم بك رئيس
الوزراء السوري وبشارة الخوري رئيس الكتلة الوطنية اللبنانية، وفي الاجتماع تم : التباحث حول فكرة «إقامة جامعة عربية لتوثيق العري بين البلدان العربية
المنضمة لها». وكانت تلك أول إشارة رسمية لفكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح. وبعد هذا الاجتماع أعلن النحاس باشا استعداد الحكومة المصرية لاستطلاع آراء باقي الحكومات العربية في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشتها، وعلى إثر ذلك بدأت المشاورات الثنائية بين مصر وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والسعودية ومملكة شرق الأردن واليمن، وهي المشاورات التي أسفرت عن اللجنة التحضيرية التي ضمت ممثلى هذه الدول وتوصلت يوم 7 أكتوبر عام 1944 إلى بروتوكول الإسكندرية الذي صار أول وثيقة تنص على قيام الجامعة العربية.

 

وبروتوكول الإسكندرية كان الوثيقة الرئيسية التي وضع على أساسها ميثاق الجامعة، ووقع عليه رؤساء وفود الدول المشاركة في اللجنة التحضيرية باستشاء السعوديةواليمن اللتين وقعتا عليه بعد رفعه إلى الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين والميثاق نفسه أقرته الوفود العربية بقصر الزعفران بالقاهرة وتم التوقيع عليه صباح يوم الثاني والعشرين من مارس ۱۹۶۸، كما تم اختيار عبد الرحمن عزام الوزير المفوض في الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة العربية، وبعده تولاه عبدالخالق حسونة ومحمود رياض والشاذلى القليبي وعصمت عبد المجيد وأخيرا عمرو موسى الأمين العام الحالي.

 

 

 

يبدأ شارع جامعة الدول العربية بميدان متسع وأنيق قلما تجد مثله بين ميادين القاهرة، وهو محاط بعدد من المنشآت التجارية والترفيهية منها سينما سفنكس والبنك التجاري للتنمية وسوق الكمبيوتر، وفي وسطه تمثال الروائی العالمي نجيب محفوظ يشرف على حديقة واسعة. والشارع ذو اتجاهين وعرضه حوالي خمسين مترا، أما طوله فيبلغ ثمانمائة متر، وفي وسطه حديقة تمتد من أوله إلى آخره، وتمثال نجيب محفوظ يعد من أحدث المعالم المضافة إليه، فقد نصب في أوله وافتتحه عاطف عبيد رئيس الوزراء
المصري يوم 16 يونيو عام .۲۰۰۲ .

 

 

 

سور نادى الزمالك بمحاله التجارية الشهيرة يبدأ في الشارع بعد الميدان مباشرة أمام استراحة عامة تقع داخل حديقة الشارع وتزدحم عادة بالحسناوات، وقد انتقل نادي الزمالك أحد قطبي الكرة المصرية إلى الشارع في خمسينيات القرن الماضي، فقد أسسه الألماني مار جاباك – المستشار الأجنبي في المحاكم المختلطة المصرية – تحت اسم «المختلط» في المكان الذي تحتله الآن دار القضاء العالي في شارع ۲۹ يوليو، واسمه «المختلط» يعود لأن أعضاءه الأوائل كانوا خليطا من الموظفين المصريين والأجانب، ثم انتقل نادي الزمالك أو المختلط إلى الضفة الغربية لنهر النيل في المكان الذي يحتله الآن مسرح البالون وهو يقع على بعد خطوات من الشارع، وفي عام 1941 تغير اسم النادي، فبدلا من المختلط اسمه الأول أطلق عليه اسم الملك فاروق، وازدادت شعبيته بعد أن انضم إليه نجم الكرة الموهوب عبد الكريم صقر، وبعد ازدياد عدد أعضائه وتحوله من ناد للموظفين المصريين والأجانب إلى أحد أندية الشعب المصرى أطلق عليه اسم الزمالك» وانتقل لأرض الشارع في الخمسينيات، وافتتح ملعبه ومنشآته فيه بمباراة تاريخية في كرة القدم مع نادي «دوكلا براغ» وفاز فيها الزمالك بهدفين.

 

 

 

 

والطريف أن انتقال نادي الزمالك للشارع كان أحد تجليات التنافس أو حتى الصراع مع غريمه النادى الأهلى على الريادة والشعبية الرياضية في مصر، فانتقاله إلى أرض الشارع قربه من مكانة ورقي مقر النادي الأهلي في الجزيرة، والحقيقة أنه تنافس قديم يرجع لبدايات تأسيس الناديين اللذين يعتبران الأقدم والأكبر والأكثر شعبية، ففي حين تأسس الزمالك بجهود أجنبية وبأعضاء مختلطين فإن الأهلى تأسس بجهود مصرية خالصة، فقد أسسته جبهة مصرية من كبار رجال الدولة عام 1907، وأطلقوا عليه اسم الأهلى لأن عضويته كانت للمصريين فقط.

 

 

 

سور نادى الزمالك بالشارع عبارة عن مجمع تجاري كبير، وبفضله انتقلت حركة البيع والشراء من وسط القاهرة الحديثة إلى شارع جامعة الدول العربية وفي مواجهته بالشارع تتجاور عشرات المحال التجارية والمطاعم ومنها بيتزا كينج ومؤمن وكوافير سيد الصغير، وفي وسطها يقع فندق النبيلة بواجهته المتميزة، وصيدلية سمير تتوسط المنطقة التي تتميز بقصر مبانيها بالشارع وكل محالها تقريبا لا تزيد على طابق واحد، وفي آخرها تقع محطة وقود وفندق أطلس وصيدلية فاروق وعمارة في منتهى الفخامة بها محلات كمبيوتر سيتي، وبالقرب منها معرض المحلة والنساجين الشرقيين.

 

 

 

سور نادى الزمالك ينتهى بفرع البنك التجارى الدولى وعدد من الأشجار ومئذنة عالية تطل من خلف السور، وبالقرب منها تطل واجهات البيت الأبيض ومحطة وقود ومحلات هارديز التي تجاور بالشارع بنك مصر الدولى، وكلاهما على ناصية شارع البطل أحمد عبد العزيز الذي كان من كبار قادة الجيش المصري في الأربعينيات، وعندما تأخر الحكام العرب في اتخاذ قرار دخول الجيوش العربية الأراضي الفلسطينية لمواجهة العصابات الصهيونية عام 1948، استقال من الجيش المصري وانطلق مع من تطوع من رجاله ليهاجم القوات الصهيونية غير أنه سقط شهيدا برصاصة خطأ أطلقها عليه أحد جنوده لأنه نسى كلمة السر.

 

 

 

وناصية شارع البطل أحمد عبد العزيز تتصدرها بالشارع حديقة صغيرة يتوسطها تمثال صغير للفنان جمال السجيني الذي ولد عام ۱۹۱۷ وتوفي عام ۱۹۷۷، من الضفة الأخرى من الشارع تطل لوحة إعلانية كبيرة تتبع مؤسسة أخبار اليوم وتقع على ناصية شارع محمد حسن حلمي، وبالقرب منها الرحاب للصرافة ومطعم أبي شقرة. ومن الناحية الأخرى تمتد حديقة تفضي إلى جامع مصطفى محمود، وهو فضلا عن الجامع يضم مؤسسة علاجية ودار للمناسبات شيع منها عدد من الفنانين كانت آخرهم الفنانة سعاد حسنى.

 

 

 

Comments

  • No comments yet.
  • Add a comment